بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال
ما هو سر الأمر بإعفاء اللحى والنهي عن الحلق أو القص مع أنه شعر سواء تُرك أو أزيل فالأمر واسع، وما حكمة تعلق الشريعة بالخِلْقة والطبيعة في مثل هذه المسألة، أم أن ذلك لا يعدو أن يكون أمراً ونهياً لمجرد تكليف العبد .. وهل يطيع فيثاب أم يعصي فيعاقب؟، فلقد كثُر الذين يحلقون لحاهم والذين يقصونها، وكل واحد من هؤلاء يقصد تحسين صورته وأنهم إنما أقدموا على ذلك لهذا القصد، ولهم في هذا جدل يطول وصفه.
فما قولكم في ذلك –جزاكم الله خيراً، ونفع بكم-؟.
(1/3)
الجواب
الحمد لله رب العالمين.
قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (1)، وقال سبحانه: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) (2)، وقال عز وجل: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (3).
لقد أصبح حلق اللحى في هذا الزمان من مظاهر التجمل والتزين!، ولم يسبق لزماننا مثيل في التميّز بهذا المنكر من حيث الكثرة والاستحسان!؛ وهذا الفعل القبيح من جملة أفعال المترفين القبيحة، ولذلك جاء ذكرهم في القرآن الكريم في كل مواضعه العديدة مقروناً بالذم لهم، مثل قوله تعالى:
__________
(1) سورة السجدة، من الآية 7.
(2) سورة غافر، من الآية: 64.
(3) سورة النمل، من الآية: 88.
(1/4)
(إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ، كَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) (1).
ولننظر الآن في هذا المنكر شرعاً وطبعاً، حسناً وقبحاً:
فيقال لحالق لحيته: هل تُقر أن الله أحسن كل شيء خلقه كما قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)، وأنه صوّر عباده فأحسن صورهم كما قال تعالى: (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ)، وأنه أتقن كل شيء خلقه (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (2)، وأنه حكيم لا تخرج ذرة في الوجود عن مقتضى حكمته، وأنه عليم بكل شيء، وأنه هو الذي يصوّر عباده في الأرحام كما قال سبحانه: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ) (3)؟!.
وبما أن الأمر كذلك، ولا يُنكره إلا كافر بالله العظيم؛